الحرية في الفكر والممارسة العربيين
Abstract
انطلاقا من كتابات عبد الله العروي، يمكن القول إن مفهوم الحرية يفتقر إلى الوضوح في الفكر العربي، لأن هناك ضوابط صارمة عليه خاصة في مجالي التعبير والضمير. وضبابية مفهوم الحرية في الفكر هذه، جعلته متعسرا في الواقع كما ظهر ذلك جليا في أحداث "الربيع العربي" الأخيرة. في المقابل، نجد ان مفهوم الحرية في الفكر الغربي تم انزاله من ابراج التنظير الى الواقع. وهذا ما نجده مثلا عند جون ستيوارت ميل (1806-1873) الذي دعا الى عدم سلب الحرية حتى من الذين يمنعونها عن الآخرين، وذلك لتدارك الخلافات في المجتمع. هذه الأطروحة هي جزء من تقليد راسخ في الفكر الليبرالي كما نجد عند جون راولز (1921-2002) في كتابه "نظرية العدالة"، والذي يرى هو أيضا أن الحرية يمكن أن تكون علاجا للتعصب. في الواقع، ان الحريات الأساسية اللازمة لاستقرار المجتمع في الفكر الراولزي، يمكن اتخادها كمعيار للحكم على قدرة المجتمع على قبول الاختلافات حتى الأكثر تطرفا. يبقى الهدف من هذه الورقة اذن هو ابراز مفهوم الحرية ودوره في بلورة عدالة اجتماعية، عندما تفشل الديموقراطية في ذلك. وللقيام بهذا، لا بدّ أولاً من بيان أهمية الحرية كضامن للعدالة الاجتماعية في الفكر الراولزي، ثم الوقوف بعد ذلك على العوائق الأيديولوجية والسياسية التي ارغمت الفكر العربي على التوقف عند حدود المطالبة بالحرية كشعار دون تنظير، وأخيرا مناقشة حرية الاعتقاد باعتبارها من أهم الحريات الأساسية، والتركيز على تجاذبات بعديها الفردي والجماعي في المجتمعات العربية، وذلك لبيان ان البعد الفردي في حرية الاعتقاد هو الذي يحددها، وأنها بدونه تفرغ من محتواها وتفقد معناها.
ResearchGate has not been able to resolve any citations for this publication.
ResearchGate has not been able to resolve any references for this publication.